Loading...

معلومات عن إيبارشية أسيوط ودير العذراء

تعمير دير العذراء بجبل أسيوط

في ثلاثينيات القرن العشرين ، بدأت العائلات التي تسكن مغارة دير العذراء ببناء مساكن لها أسفل الجبل ، لتكون قريبة من أرضهم الزراعية ، وقد بنوا لأنفسهم كنيسة علي اسم رئيس الملائكة ميخائيل ، وسميت تلك المنطقة بدير درنكة . ودير السيدة العذراء بجبل أسيوط له مكانة خاصة عند شعب أسيوط منذ القديم ، فكانت عائلات أقباط أسيوط يتجمعون بعد منتصف ليلة 21 أغسطس من كل عام ، ويبدأون مسيرة علي الأقدام يعتبرونها " نذراً " ، يقطعون فيه مسافة قرابة 10 كم من حي المجاهدين الحي الشعبي غرب أسيوط حتى قرية دير درنكة أسفل الجبل الغربي ، ثم يصعدون علي حجارة الجبل وذلك بتسلقهم بصعوبة بالغة حجارة الجبل غير الممهدة ، وبعد مجهود مضني يصلون إلي كنيسة صغيرة مبنية علي صخرة بالطوب اللبن يصلون ويخرجون بسرعة لترك المكان لآخرين . وكانت مغارة الدير تبدوا مردومة بالأتربة والحجارة ومخلفات العائلات التي كانت تسكن تلك المغارة قبل تركها والسكني أسفل الدير في قرية دير درنكة . ولا تزال حتى الآن عادة الذهاب للدير بعد منتصف ليلة 21 من أغسطس مشياً علي الأقدام لكثير من شعب إيبارشية أسيوط أفراداً وعائلات ، في موكب شعبي بديع حاملين أطفالهم الصغار، وفي أيديهم صور العذراء وصلبان خشبية وأعلام وتمثال ضخم للعذراء يحمله الشباب علي أكتافهم حيث ينضم هذا الموكب إلي موكب العذراء الاحتفالي مساء طبقاً لطقس الاحتفال بمغارة دير العذراء بجبل أسيوط . ظل الدير علي وضعة هذا حتى أعتلي كرسي أسيوط نيافة مثلث الرحمات الأنبا ميخائيل مطران أسيوط السابق في 25 / 8 / 1946 م وقدومه إلي أسيوط في 19 / 9 / 1946 م . وبعد أن أستقر وبدأ عمله الرعوي لشعب أسيوط ، أشتهي تعمير ديرالسيدة العذراء بجبل أسيوط بدير درنكة وإرجاع الحياة الديرية إليه ، لأهميته التاريخية ، وقدسيته بمجيء العائلة المقدسة إليه ، وأيضاً لأنه قريب من مدينة أسيوط مقر كرسيه ، وكان ذلك عام 1948 م . . فذهب نيافته إلي كنيسة السيدة العذراء المواجهة للمغارة ، وصلي فيها قداس ، وطلب من الرب إعطائه علامة لتعمير هذا المكان . وكان الشعب الأسيوطي في ذلك الوقت مُقطِر في وضع المال بالكنيسة ، فكان يضع الملاليم والقروش القليلة في طبق العطاء . وفي هذا القداس مر طبق العطاء علي الشعب ( جموع القرويين البسطاء وكان أغلبهم من قرية دير درنكة وبالكاد يملكون قوت يومهم ) كالعادة ، وقام الشعب بوضع الملاليم والقروش كالعادة أيضاً ، ألا أن أحد الموجودين بالكنيسة وضع في طبق العطاء ورقة مالية من فئة الخمسة جنيهات ، والتي كانت تعتبر مبلغ كبير في هذا الوقت ( فقد كان وقتها الجنية الورق يعادل في قيمته جنيهاً ذهبياً وقرشين ونصف ) . عندئذ أمسك نيافة الأنبا ميخائيل بورقة الخمسة جنيهات وشكر الله علي الاستجابة السريعة لصلاته ، وقال للمحيطين به ( أن العذراء تريد تعمير ديرها بجبل أسيوط ) ، ثم خاطب السيدة العذراء قائلاً ( بالخمسة جنيهات دي ، سأبدأ بتعمير هذا الدير ) . ومنذ هذا اليوم بدأت يد الله تبارك اسمه ، واستخدمت نيافة الأنبا ميخائيل بإرشاد الروح القدس لتطويع حجارة الجبل الصماء ، لبناء الكنائس وأماكن الاستراحات ، لتستقبل الملايين من الزائرين طالبين نوال البركة . وبدأ نيافته منذ هذا اليوم تعمير هذا الدير . كان واثقاً في عمل الله ، لأن تعمير هذا المكان الوعر والصعب ، يحتاج أموال بوزن حجارة الجبل ، حيث كان الصعود للدير يتم بتسلق الجبل ، وبالتالي إحضار كل احتياجات التعمير ، ستتم علي الأكتاف والدواب و الجمال وذلك بتسلق الجبل بدء من المياه ، والأسمنت ، والحديد ، والطوب ، وكافة مواد البناء ، بالإضافة إلي تفجير بعض الصخور الزائدة بالديناميت ، واستخدام مخلفات التفجير ( الحجارة ) في البناء . ثم قام بتفريغ المغارة من عشرات الأطنان من الرديم والحجارة ومخلفات العائلات التي كانت مقيمة بالمغارة ، الأمر الذي أستغرق الكثير من الوقت والجهد . وبسحب الرديم من داخل المغارة ، تم الكشف بصورة أوضح عن أسرار المغارة ، فيما بقيت الحوائط كما هي تحتفظ ما بين عبق التاريخ بقداسة المكان ، وهكذا نري الآن حوائط المغارة بارتفاع متر تقريباً بلون الجبل بيضاء اللون ، في حين الجزء الأعلى أسود اللون نتيجة تصاعد الدخان الناتج من تصاعد البخور في العصور الأولي ، وتجهيز الطعام فيما بعد لسكان المغارة . وبدأ في تعمير الدير ، فكان يجلس مع المهندسين المعماريين والمدنيين ، لأخذ رأيهم في البناء خاصة أن البناء سيتم في الجبل ، وكان هذا النوع من البناء غير مسبوق في مصر . ولكن بإرادة قوية ومعونة سماوية ، بدأ في تعمير المكان ، ليصير من أعظم الأديرة ، ليس فقط علي مستوي الصعيد ، بل علي مستوي مصر كلها ، بل وعلي مستوي العالم ، فقد صار مزار عالمي . لهذا يحمل ديرالسيدة العذراء بجبل أسيوط ، الجميل إلي المنتهى ، إلي نيافة المتنيح الأنبا ميخائيل ، الذي عمره وأعاده للوجود من لاشيء فصار صرح شامخ ، تفتخر به الكنيسة القبطية ، والدولة المصرية ، فيعد من أجمل أديرة العالم ، ويعد أعجوبة ، وتحفة معمارية في بنائه ، فهو مبني علي جبل أسيوط بتدرج معماري رائع ، بالإضافة لوجود الأشجار والزهور علي الصخر .... وقد امتدت مساحة الدير لعمق 15 فدان . فكل شيء تم في تعمير هذا الدير له قصة ، توضح عمل الله العجيب . + في عام 1955 بطلب من نيافة الأنبا ميخائيل ، بدأت الحكومة في مد مواسير المياه إلي الدير ، وفي عام 1958 م تم تزويد الدير بالمياه النقية . + في عام 1960 تم رصف الطريق الصاعد للديرحتي البوابة الرئيسية للدير بمعجزة من السيدة العذراء ، وهذا الأمر سهل كثيراً أعمال البناء والتعمير . وقصة رصف الطريق في هذا التوقيت وصل إلي أسيوط أحد المهندسين المتخصصين في تمهيد الطرق الجبلية كان قادماً من الولايات المتحدة الأمريكية وكان يعمل رئيساً لإحدى الشركات الخاصة برصف الطرق ، إذ لم يكن هناك شركات حكومية تعمل في نفس المجال ، وكان اسمة المهندس / شنودة ، وقد تم استقدامه بخصوص بعض العمليات الخاصة بالقوات المسلحة في المنطقة .. فألتقي بنيافة الأنبا ميخائيل الذي عرض عليه إمكانية تنفيذ الطريق الجبلي الصاعد للدير وعلي نفقة المطرانية ، لكنه استعفي وتراجع عن قيامة بالتنفيذ خوفاً علي معدات الشركة ، فقال له نيافة الأنبا ميخائيل ( ممكن تقوم بعمل التصميمات فقط ) فاستعفى أيضاً وأعتذر ومضي . مرت عدة أيام وعاد المهندس شنودة وطلب مقابلة نيافة الأنبا ميخائيل لأمر هام ، في الوقت الذي كان فيه نيافته بداخل المقر بكنيسة القديس مرقس الرسول وليس لديه مواعيد مقابلات في نفس اليوم ، فقال سأظل واقفاً بالباب حتى يأذن سيدنا بالدخول ... فدخل إلي نيافة الأنبا ميخائيل وقدم اعتذاره ، وقدم التصميم الخاص برصف الطريق ، ثم قال ( أنا كده خلصت ضميري ده أنا من يوم ما رفضت العمل طار النوم من عيني ولم استرح حتى الآن .... بكرة هابدأ في مشروعك ... ثم قال ( أنا شفت العائلة المقدسة في رؤيا متكررة وهي صاعده للجبل والفتاة العذراء مريم بتتعثر في ملابسها أثناء الصعود وتسقط علي الأحجار ثم تقوم وتسقط ثانية وتقول لي ( يرضيك يا شنودة تعمل فيّ كده ) . فقال له نيافة الأنبا ميخائيل ( لازم تأتي لك السيدة العذراء ، علشان تيجي لترصف الطريق ) . وبدأ العمل في رصف الطريق من أسفل الجبل إلي أعلي حتى وصلت الأعمال إلي منطقة الميدان ، وعندئذ توقفت أعمال الشركة في أسيوط وحملت معداتها ورحلت .. وأستأذن المهندس شنودة بوقف الأعمال بسبب رحيل العمال وتوقف الأعمال . وهكذا تم رصف الطريق حتى هذه النقطة علي أعلي مستوي فني في مثل هذا المجال من حيث الدقة والتنفيذ ، واضطرت المطرانية إلي استقدام شركة أخري لاستكمال الأعمال حتى بوابة الدير ، لكن المرحلة التالية كانت أقل في المستوي الفني . + أيضاً تم التعاقد مع شبكات الكهرباء العمومية لتغذي الدير باحتياجاته ، كما أحضر نيافة الأنبا ميخائيل عدة ماكينات ديزل لتشغيل الإضاءة الكهربائية للدير في حالة انقطاع التيار الكهربائي الحكومي عن الدير وهكذا أصبح من المألوف لشعب أسيوط ، إنه كلما ذهب إلي دير العذراء بجبل أسيوط يجد المشدات الخشبية والأعمدة الخرسانية منصوبة ، وامتدت يد العمران لتسابق الزمن في مراحل تعمير الدير . + في بدء سبعينات القرن العشرين ، تعرضت مباني الدير للراحة والميل خارج الجبل ، وكاد المبني الخاص بالدير الذي علي قمته كنيسة المنارة ( والساحة المواجهة لها ) أن يسقط ، فأنزعج نيافة الأنبا ميخائيل وقام فوراً وأستدعي أ. د. مهندس / ميشيل باخوم ( من أعظم المهندسين المعماريين في القرن العشرين الذي صمم الكاتدرائية المرقسية الكبرى بأرض الأنبا رويس ، ومطار القاهرة الدولي ، وإستاد القاهرة الدولي ، ومطارات الكويت ، والرياض ، وبعض الإنشاءات الكبرى بأوربا ) ، والذي كان قد سبق وتعرف علية نيافته أثناء قيامة بتكليف من قداسة البابا كيرلس السادس بالأشراف علي بناء الكاتدرائية المرقسية الكبرى بأرض الأنبا رويس بالعباسية . فجاء إلي أسيوط ، وعاين الدير ، وقرر عمل أعمدة خراسانية كبيرة لتكون كالسد لحفظ مبني الدير من السقوط ، وتم عمل هذه الأعمدة بقواعد خرسانية ضخمة ، جعلها متصلة بالمبني ، ولتجميل شكل الدير تم انتهاء هذه الأعمدة من فوق بمنحنيات متصلة ، لتبدو كأنها شرفة بالدير تطل علي الأرض الزراعية المواجهة للدير ، وهكذا تم إنقاذ الدير من السقوط . + روي أبونا بيشوي أفا هرمينا ، أن نيافة أنبا ميخائيل طلب منه في عام 1986 م بناء سور أعلي الدير ، وبطول الدير، يفصل بين الجبل والدير بارتفاع 9 متر وعرض 50 سم من الطوب الأحمر البلدي والاسمنت ، رغم وجود سور من الحجر الجيري بنفس الارتفاع والسمك أعلي الدير ، فقال أبونا بيشوي لنيافته ( هذا السور سيتكلف مبالغ طائلة ، ويحتاج لوقت كبير ، ويوجد سور فعلاً حجري بذات الارتفاع والطول ، ويحمي الدير من أية اعتداءات وخلافه ) فأصر نيافة الأنبا ميخائيل قائلاً ( أعمل هذا السور مهما تكلف ، حماية للدير ، ولكن علي ألا تزيد مدة البناء عن خمسة أو ستة سنوات ) . فأطاع أبونا وبدأ في البناء بذات المواصفات التي طلبها نيافة الأنبا ميخائيل رغم التكلفة العالية ، خاصة أن البناء سيكون أعلي الدير، ومواجه للجبل ، وخلف السور الحجري ، وكل احتياجات البناء ستُحمل علي الأكتاف ، هذا وقد تم البناء وأستغرق 6 سنوات من عام 1986 حتى عام 1992 م . ويكمل أبونا بيشوي قائلاً ( في 2 / 11 / 1994 م ، حدث وأن نزلت السيول الشهيرة علي صعيد مصر، والتي دمرت مئات المنازل علي حدود الجبل الغربي لأسيوط ، بطول المسافة من منطقة السلخانة وحتى مدينة الغنايم . وكانت المياه خلف سور الدير الجديد بارتفاع 2.5 متر بعد انتهاء السيول ) . ويعلق أبونا بيشوي قائلاً ( لولا هذا السور لكان دير العذراء قد أنهار من هذه السيول ، وذلك لأن المياه النازلة تذيب الحجر المبني منه سور الدير المتكون من مادة الكالسيوم ، وسقوط المياه علي الدير، والذي كثير من مبانيه بذات الحجر ، كانت النتيجة ستكون ذوبان الكثير من هذه الحجارة وانهيارات كثيرة بالدير ، ولكن الطوب الأحمر البلدي الذي بني منه السور الجديد ، بطيء في امتصاص المياه بل ويزداد قوة من المياه ، وبهذا تم حماية الدير من الانهيار، نتيجة تلك السيول التي أطاحت بالكثير من البيوت في تلك الأماكن أسفل الجبل ، والتي كانت قد تم بنائها من ذات الجبل وذات أحجار بناء الدير ) . + في عام 1996 م قام نيافة الأنبا ميخائيل بعمل سور يحيط بالدير ، وذلك بتشجيع من السيد اللواء محمد سميح السعيد محافظ أسيوط وقتها ، وذلك حماية للدير ومنشأته . + في شهر أغسطس من عام 2008 م وبعد عراقيل كثيرة ، تمكن نيافة الأنبا ميخائيل من ضم المساحة المتاخمة لدير العذراء بجبل أسيوط ومساحتها 13 فدان ، حفاظاً علي قدسيه حرم الدير من أي منغصات ، وقام الدير بعمل سور حول هذه المساحة ، لتكون بانوراما جميلة في واجهة الدير .

مشاركة عبر الفيس بوك
43 +

عدد المشاهدة